لقد قام طبيب الأمراض العصبية النمساوي
"سيجموند فرويد" منذ فترة التسعينيات بالقرن التاسع عشر وحتى وفاته عام 1939 بتأسيس أسلوب
العلاج النفسي المعروف باسم
التحليل النفسي. اعتمد "فرويد" بشكل كبير في فهمه للعقل البشري على الأساليب التفسيرية
واستكشاف المشاعر والأفكار الخفية (الاستبطان) والملاحظات الإكلينكية. وقد ركز بشكل خاص على حل الصراع الذي يحدث في العقل الباطن والتخلص من حالة التوتر العقلي، كما ركز على
علم النفس المرضي. وقد ذاع صيت نظريات "فرويد" في علم النفس، ويرجع السبب الأساسي في ذلك إلى تناولها لموضوعات، مثل الجنس والكبت والعقل الباطن على أنها من الجوانب العامة للتطور النفسي. كانت تعتبر تلك الموضوعات من
المحظورات التي لا يمكن الاقتراب منها أو التحدث عنها، ولكن "فرويد" نجح في تناولها وشرحها بطريقة لائقة ومهذبة. لقد عُرف "فرويد" بتقسيمه للعقل البشري إلى ثلاثة أجزاء تأتي على هذا الترتيب
ألهذا والأنا والأنا الأعلى ونظرياته عن
عقدة أوديب. ولكن إسهاماته التي ستظل باقية أبد الدهر في هذا العلم لا تتمثل فيما اشتملت عليه النظريات التي قام بإرسائها فيه ولا على تقسيمه للعقل البشري على النحو السابق الإشارة إليه، بل بالابتكارات التي جاء بها في المجال الإكلينيكي لعلم النفس، مثل أسلوب
التداعي الحر واهتمامه بتفسير
الأحلام على أسس تحليلية.
لقد كان لفكر وآراء "فرويد" بالغ الأثر على الطبيب النفسي السويسري
"كارل جانج" والذي أصبح
علم النفس التحليلي الذي أبتكره هذا الطبيب بديلاً
لعلم نفس الأعماق. ومن بين المفكرين الذين ذاع صيتهم في مجال التحليل النفسي في منتصف القرن العشرين
"آنا فرويد" ابنة "سيجموند فرويد"
و"إيريك إيريكسون" عالم النفس الألماني - الأمريكي
و"ميلاني كلين" المحللة النفسية الأسترالية - الإنجليزية والمحلل النفسي والطبيب
"دي دبيلو وينيكوت" وعالمة النفس الألمانية
"كارين هورني" وعالم النفس والفيلسوف الألماني
"إيريك فروم" والطبيب النفسي الإنجليزي
"جون باولباي". يشتمل مجال التحليل النفسي الحديث على عدد من المدارس الفكرية المختلفة والتي تشتمل بدورها على
علم نفس الأنا والعلاقات الموضوعية والعلاقات الشخصية المتبادلة وأسلوب التحليل النفسي للعالم "لاكان" والتحليل النفسي المرتبط بالعلاقات. وقد أدى تعديل نظريات "جانج" إلى ظهور
النموذج البدائي والمدارس
المنهجية للفكر النفسي. حاول الفيلسوف النمساوي - البريطاني
"كارل بوبر" إثبات أن نظريات "فرويد" في مجال التحليل النفسي تم تقديمها بطريقة
غير معتمدة على التجربة والاختبار.
[7] تعتمد أقسام علم النفس في الجامعات الأمريكية اليوم على
التوجه العلمي وتم تهميش فكر "فرويد" ونظريته والنظر إليها على أنها ابتكار تاريخي عفا عليه الزمن، وذلك استنادًا إلى الدراسة التي أجرتها مؤخرًا
الجمعية الأمريكية للطب النفسي. ومع ذلك، قام مؤخرًا
عالم الأعصاب الجنوب أفريقي
"مارك سولمز" وغيره من الباحثين في المجال الطبي الجديد الذي يحمل اسم التحليل النفسي العصبي بالدفاع عن بعض الأفكار التي جاء بها "فرويد" مستندين على أسس علمية، مشيرًا إلى تكوينات المخ التي ترتبط بمفاهيم "فرويد"، مثل
اللبيدو (الشهوة الجنسية) والدوافع والعقل الباطن (اللاشعور) والكبت.
[8][عدل] المدرسة السلوكية مقال تفصيلي :
Behaviorismيرجع ظهور المدرسة السلوكية من ناحية إلى انتشار معامل الأبحاث التي تجري تجاربها على الحيوانات، ومن ناحية أخرى كرد فعل لظهور
علم النفس الدينامي على يد "فرويد" والذي كان من الصعب اختباره
على نحو تجريبي، ذلك لأنه يميل إلى الاعتماد على دراسات الحالة والتجارب الإكلينيكية وتعامل بصورة موسعة مع الظواهر النفسية الداخلية التي كان من الصعب تعريفها أو
تحديدها بطريقة عملية. علاوة على ذلك، وعلى النقيض من الطريقة التي استخدمها علماء النفس الأوائل "ولهلم فونت" و"وليم جيمس" اللذان درسا العقل اعتمادًا على
أسلوب الاستبطان، فقد جاء علماء المدرسة السلوكية ليثبتوا بالبرهان أن ما يحويه العقل البشري ليس متاحًا للفحص والتدقيق العلمي وأن علم النفس العلمي يجب أن يهتم فقط بدراسة السلوك الذي يخضع للملاحظة (السلوك الظاهري). لم يكن هناك اهتمامًا بالتمثيل الداخلي أو العقل. لقد ظهرت المدرسة السلوكية في أوائل القرن العشرين على يد عالم النفسي الأمريكي
"جون بي واطسن" ليأتي من بعده عدد من علماء النفس الأميركيين الذين أكدوا عليه وعملوا على انتشاره، مثل
"إدوارد ثورندايك" و"كلارك إل هال" و"إدوارد سي تولمان" ومن بعدهم
"بي إف سكنر".
تختلف المدرسة السلوكية عن غيرها من المدارس النفسية لعدة أسباب. يركز علماء المدرسة السلوكية على العلاقات بين البيئة وسلوك الإنسان وتحليل السلوك الظاهري والسلوك المستتر (الباطني) على أنه وظيفة الكائن الحي في التفاعل مع بيئته.
[9] ولا يرفض هؤلاء العلماء دراسة الأحداث الظاهرة أو المستترة (مثل، الأحلام)، ولكنهم يرفضون الافتراض القائم على وجود كيان مستقل وعرضي داخل الكائن الحي هو الذي يتسبب في السلوك الظاهري (مثل، الكلام والمشي) أو السلوك المستتر (مثل، الأحلام والتخيل). إن بعض المصطلحات، مثل "العقل" أو "الوعي" لا يستخدمها علماء المدرسة السلوكية؛ حيث أنها لا تصف أحداثًا نفسية فعلية (مثل، التخيل) ولكنهم يستخدمونها على أنها كيانات وصفية توجد بصورة خفية في الكائن الحي. بل على العكس، يتعامل هؤلاء العلماء مع الأحداث الخاصة مثل السلوك ويعملون على تحليلها بالطريقة نفسها التي يحللون بها السلوك الظاهري. ويشير السلوك إلى أحداث مادية يمر بها الكائن الحي والتي تكون ظاهرية أو خاصة. يعتبر العديدون البحث النقدي للعالم اللغوي الأمريكي
"ناعوم تشوميسكي" الذي تناول فيه نموذج علماء المدرسة السلوكية الخاص ب
اكتساب اللغة على أنه السبب الأساسي في تراجع وتدهور الشهرة العارمة التي حظت بها المدرسة السلوكية.
[10] ولكن المدرسة السلوكية التي أسسها "سكنر" لم تمت وتندثر من الوجود، وربما يرجع السبب في ذلك إلى قيامه بتطبيقات عملية ناجحة.
[10] وعلى الرغم من ذلك، فقد ساعد انتشار شهرة المدرسة السلوكية على أنها نموذج مهم ورئيسي من فروع علم النفس في إيجاد نموذج جديد